الحامض النووي و الابوة
من تلك المجالات المهمة و الحساسة التي دخلتها الفحوصات المتعلقة بالحامض النووي، مجال إثبات الابوة حيث تکون النتيجة النهائية للفحص هي العامل الحاسم و الفيصل الذي يضع النقاط على الحروف و يأخذ به أمام السلطات القضائية بصورة لاتقبل الجدل. وسنويا يجري الآلاف من الرجال الالمان فحوصات لحوامضهم النووية و تلك المتعلقة بأطفالهم بعيدا عن علم و إطلاع زوجاتهم، حيث يقومون بأخذ شعرة من رؤوس أطفالهم و يفحصون من خلالها الحامض النووي للطفل و يقارنوه بحامضهم ليروا فيما إذا کان حقا من صلبهم أم لا. و تفيد مصادر تعمل في مجالات الحامض النووي، أن الاعوام الماضية قد صدمت الآلاف من الرجال المتزوجين الالمان عندما أثبتت نتائج فحص حوامضهم النووية و تلك المتعلقة بأطفالهم بأن اولئك الاطفال ليسوا من صلبهم و قادت تلك النتائج الى ردود أفعال قوية على الصعيد الاسري و الاجتماعي سيما عندما يجد الطفل أو حتى الابن أو البنت التي قد تجاوزا سن المراهقة بأن لهما أبا غير ذلك الذي قضيا سنينا من عمرهما و هما يتصرفان معه کأب لهما. ولعله ليس من السهل أو العادي على الطرفان"أي الاب أو الاطفال"أن يجدوا أنفسهم فجأة أمام واقع آخر مغاير لذلك الذي کانوا يتصورونه طوال أعوام إنسلخت من أعمارهم کما ان الرجل الآخر الذي "ينصبه"الحامض النووي أبا للطفل، قد لا يأبه للأمر مثلما حدثت في أکثر الحالات يضاف الى أن تلك النتائج"المفاجأة"قد تکون عاملا لبروز أمراض و عقد نفسية قد ترافق الاطفال و حتى الآباء طيلة حياتهم.
القانون الالماني يتکلم
وبسبب من تلك التداعيات السلبية التي خلفتها نتائج الآلاف من الفحوصات على الاوضاع الاجتماعية و النفسية للعديد من الاسر الالمانية و حدوث العديد من المشاکل و الازمات المستعصية من جراء ذلك، فقد منع القضاء الالماني إجراء أية فحوصات عائلية لأفراد الاسرة بغير علـم الام أو حتى الطفل نفسه، وبذلك فقد وضع حدا لإجراء تلك الفحوصات بعيدا عن عين و علم الام. لکن ذلك لم يمنع العديد من الرجال الذين کان الشك يراودهم بخصوص عائدية أبنائهم وذلك مادفعهم لإنتهاج الطرق و الاساليب القانونية العادية الامر اللافت للنظر أنه في غالب الاحيان مايکون شك الرجل في محله وفي ضوء ذلك تبدأ تداعيات مرحلة جديدة من حياة تلك الاسرة التي غالبا ماتکون سلبية من حيث آثارها المستقبلية.
التلفزيون أيضا يشارك بالعملية
من الواضح أن تکاليف إجراء فحص الحامض النووي تکون عادة مرتفعة و تصل الى مايقارب 250 يورو للفرد الواحد، و في ضوء الظرف الاقتصادي السئ الذي تمر به المانيا حاليا، فقد لا تکون هنالك القدرة المادية للکثيرين لإنجاز العملية، لکن إحدى القنوات التلفزيونية الالمانية و تحديدا قناة"RTL" تطوعت لهذه المهمة من خلال برنامج مثير لها تقوم خلاله بالجمع بين زوجين يدور بينهما خلاف بخصوص أبوة طفلهما و يقوم البرنامج المذکور بداية بنقل موقفي الزوجين و غالبا مايکون الزوج مصرا على شکوکه بأن الطفل ليس من صلبه أما الزوجة فتصر على موقفها و بعد ذلك يقوم البرنامج المذکور بدفع تکاليف الفحص للحامض النووي للأبوين و الطفل ثم تعلن النتيجة و بطريقة مثيرة أيضا حيث يتفاجأ المشاهدون أحيانا بأن شکوك الاب في محلها و أن الطفل ليس من صلبه!
أحيانا النتائج محددة
وفي الاسر الالمانية التي يتجاوز عدد أطفالها الثلاثة أو أکثر وهو أمر قد يکون إستثنائيا، فقد تبرز حالات خاصة بأن يکون طفلا أو أکثر من صلب آخر غير صلب الاب القانوني، ويشير نيلز يورغن، بأنه قد صدم يوما عندما وجد أن أحد أطفال أخيه الثلاثة هو من صلب رجل آخر، ومع أن أخوته رفضوا أن يتخلوا عن أخيهم الذي قضى أکثر من ثمان سنين معهم ضمن أسرة واحدة، لکن الوضع النفسي و الاحساس بالانکسار و الاحباط الذي أصاب هذا الطفل کما يقول عمه، قد دفعه للأنزواء و الاحساس بالغربة و الانطواء على النفس في الوقت الذي صدم فيه الاب الحقيقي بالامر و وجد صعوبة في تقبل أنه قد أصبح أبا بين عشية و ضحاها، فإنه في ذات الوقت لم يجد إستعدادا في نفسه لکي يمارس دور الاب للطفل الذي صار أبنه بموجب نتيجة فحص حامض نووي.
قصة مثيرة أخرى
أما السيدة"هيلکه.ف"من مدينة دوسلدورف، فقد ذکرت لنا بأن أخيها الذي قضي بسبب مرض السرطان، قد کان على علاقة بفتاة لفترة من الوقت قبل بروز مرض السرطان لديه، وقد إدعت تلك الفتاة يوما بأنها حامل منه و تروي کيف أن أخيها تقبل أبوته للطفل لکنه رفض الزواج بها، وتقول بأنها کانت واثقة من أن هذا الطفل ليس بأبن لأخيها خصوصا وأن هذه الفتاة کما تذکر کانت من النوع اللعوب و من اللواتي کن يلعبن على عدة حبال لکنها في نفس الوقت لم يکن بوسعها أن تعمل أي شئ أمام موقف أخيها و تشير الى أنها قد حصلت على خصلات من شعر أخيها الذي تساقط بغزارة بسبب العلاج الکيمياوي و حاولت إجراء فحص للحامض النووي لأخيها المتوفي و طفلها الذي حصل بعد وفاة أخيها على مبلغ 750 ألف يورو کترکة لکنها إصطدمت بالحاجز القانوني مشيرة الى أن المحامي قد أکد لها بأنه من غير الممکن رفع دعوى ضد نسب أبن أخيها من قبل أي إنسان سوى أخوها بذاته و تجزم السيدة هيلکه بأن أخوها براء من ذلك الطفل لکن تلك الفتاة قد إستغلت ظروفه الخاصة و وضعه المادي الجيد و إصطادت في الماء العکر و تؤکد بأنها سوف تتابع هذه القضية حتى تجد حلا لها.
وللشرقيين أيضا قصص
أما فيما يتعلق بالشرقيين، فإن هنالك قصص و حوادث غريبة و من النوع"المضحك المبکي" حدثت مع عوائل شرقية مختلفة.
اللبناني"ك.ف" المقيم في مدينة برلين، يقول بأنه و بعد سنوات عديدة من العيش الى جانب زوجته و أبنتيه، إکتشف فجأة ذات يوم بأنه ليس أبا لهاتين البنتين لسبب بسيط کما يذکر وهو أنه عقيم حسبما حدد ذلك فحص مختبري بسبب من حادث عرضي وقع له، و لکي يتأکد من الامر تماما أخضع نفسه و طفلتيه لفحوصات الحامض النووي التي أکت نتائجها بأن الطفلتين ليستا من صلبه و يقول بأنه بعد أن حصل على إعتراف من زوجته بأبوة"أحد أصدقائه"للطفلتين لم يکن أمامه سوى أن يطلق زوجته و يستسلم لقدره القاسي جدا.
أما العراقي"ع.م.ط" المقيم في مدينة فرانکفورت، فقد روى لنا بأنه قد کان دوما في شك من أمر أحد أطفاله الاربعة و کان يدور في خلده هاجس بأنه ليس من صلبه، ولما أراد قتل شکه باليقين، أخضع نفسه و ذلك الطفل لفحص الحامض النووي الذي جاء مؤکدا لأبوته للطفل، غير أن الطامة الکبرى کما يذکر بأنه و للإختلافات الکثيرة في الشکل الظاهري بين ذلك الطفل و بقية أخوته الثلاثة فقد أخضع الاطفال الثلاثة الآخرين أيضا لفحص الحامض النووي الذي کانت نتائجه هذه المرة مدمرة له عندما أکدت بأن الاطفال الثلاثة ليسوا من صلبه!!