يمثل المطرب المصري محمد منير حالة فريدة في تاريخ الغناء العربي الحديث حيث ما زال يتمتع بألق لافت منذ انطلاقته الفنية قبل أكثر من ثلاثين عاما وما تزال ألبوماته تحقق أرقاما مرتفعة على صعيد المبيعات وهو الأمر الذي تكرر في ألبومه الأخير (طعم البيوت) الذي صدر مطلع حزيران الماضي ، وقد فاز بجائزة أفضل مطرب في مسابقة الميوزك اوارد الشرق الأوسط في الشهر ذاته. ومنير الذي تصادف اليوم الذكرى الرابعة والخمسين لميلاده يخلط في موسيقاه الجاز بالسلم الخماسي النوبي ، كما يمتاز بكلمات أغانيه العميقة ، وأسلوب أدائه و مظهره الغير ملتزم بتقاليد الطرب والمطربين ، وبخاصة شعره النامي المفلفل بفوضى وطريقة إمساكه بالميكروفون ووقوفه وحركاته العصبية الغريبة أثناء الغناء.
ولد محمد منير في قرية الدر القديمة ــ النوبة ، أسوان ــ تلقى منير تعليمه المبكر و قضى فترة الصبا في أسوان قبل أن يهاجر مع أسرته للعاصمة بعد غرق قرى النوبة تحت مياه بحيرة ناصر التي خلفها السد العالي ، في أوائل السبعينيات. أحب ممارسة الغناء كهاوْ منذ الصغر وكان يغني لرفاقه في الجيش.
تخرج في قسم الفوتوغرافيا والسينما والتليفزيون من كلية الفنون التطبيقية جامعة حلوان . وأثناء أو بعد دراسته استمع إليه زكي مراد الشيوعي النوبي فأوصى عبد الرحيم منصور ، الشاعر المعروف آنذاك بالاستماع إليه ، وكبرت الدائرة لتشمل أحمد منيب الذي لم يكن أحد قد سمع به ، فأخذ في تدريب منير على أداء ألحانه وألحان غيره النوبية ، ثم بدآ في الاستعانة بكلمات معارفهم من الشعراء عبد الرحيم منصور وفؤاد حداد.
كانت البداية الحقيقية بانضمام الموسيقيّ هاني شنودة الذي أضاف للمجموعة كثيرا ، بألحانه وتوزيعاته غربية الطابع ، بل إنه جلب أعضاء فرقته الحديثة وقتها المصريين ليرددوا ويعزفوا أغاني الألبوم الأول الذي لم يصادفه النجاح. وتلا ذلك ألبوم من إنتاج نفس الشركة التي اقتنعت بتلك المجموعة ، والتي أتى شنودة إليها بيحيى خليل وفرقته ، فنجح الألبوم وتبعته نجاحات متتالية في ألبومات نتاج لتعاون كامل مع فرقة يحيى خليل وملحنين و كتاب شباب وكبار ، وتنوعت التجارب وأثراها اتجاه منير للدراما ، وإشراك فرق غربية أيضا ، والغناء بلهجات شامية وسودانية وجزائرية في خضم ما عرف بموسيقى الجيل وخلطها بين القوالب.
عرف منير بأدائه التلقائي والخارج عن آداب الأداء المعروفة للمصريين ، فلم يشاهد في بدلة أو ثابتا أمام الميكروفون ، و حركاته العصبية ، ولهجته الهجين بين القاهرية والأسوانية ، كما أن ارتباطه بأشعار الصف الأول من شعراء العامية المصرية و قواميسهم المغايرة الخالية من النبرة الرومانتيكية التي سادت منذ أواخر القرن التاسع عشر وموسيقاه المنفصلة عن الطرب الكلاسيكي ، جعل الكثيرين ينكرونه ولكنه في المقابل أعجب الشباب بل وجمهور المهرجانات ، وأطلق عليه محبوه في مصر "الملك" تيمنا باسم ألبومه السياسي الشهير. وقد استطاع منير أن يحطم في التسعينيات صورته كمغن للمثقفين ، وصار من المألوف أن تسمعه في الشارع.
من الألقاب التى أطلقت على محمد منير لقب "الملك"نظراً لتمثيله في مسرحية الملك هو الملك من تأليف الأديب السورى العظيم سعد الله ونوس وإصداره لألبوم يحمل نفس الاسم و يضم أغنياته التى غناها خلال هذه المسرحية السياسية.
أول ألبومات منير كان "علموني عنيكي" عام 1977 وتبعته تاليا: بنتولد 1978 ، شبابيك 1981 ، اتكلمي 1983 ، بريء 1986 ، الملك هو الملك 1986 ، وسط الدايرة 1987 ، مقدرش 1988 ، شوكولاتة 1989 ، يا اسكندرية 1990 ، مشوار 1991 ، الطول واللون والحرية 1992 ، افتح قلبك 1994 ، ممكن 1995 ، من أول لمسة 1996 ، المصير 1997 ، حبيبتي 1998 ، الفرحة 1999 ، في عشق البنات 2000 ، أنا قلبي مساكن شعبية 2001 ، الأرض..السلام 2002 ، أحمر شفايف 2003 ، إمبارح كان عمري عشرين 2005 ، وألبوم طعم البيوت ,2008
أما تجربة منير السينمائية فكانت بدايتها مع فيلم حدوتة مصرية 1982 واليوم السادس 1986 يوم حلو ويوم مُرّ 1988 وحكايات الغريب 1992 وليه يا هرم والبحث عن توت عنخ آمون وشباب على كف عفريت واشتباه والمصير 1997 ودنيا ,2006 وشارك منير في مسلسلين هما جمهورية زفتى 1999 وعلي عليوة وشارك في ثلاث مسرحيات هي: الملك هو الملك وتم عرضها أول مرة على احدى مسارح الاسكندرية عام 1988 وتم عرضها مرة اخرى في عام 2006 ومسرحية ملك الشحاتين ومسرحية مساء الخير يا مصر.